الإنسان لا يدخل العلاقة وهو مكتمل … يدخلها وهو يحمل تاريخه …
خوفه القديم … وطرائق دفاع تعلّمها قبل أن يعرف معنى الأمان.
ولهذا، حين تقع الصدمة … لا ينكسر الحب فقط…
بل تنكشف طريقة العقل في إدارة الخطر….
“ما لا نُدركه في وعينا، يعود إلينا في مصائرنا”
ولهذا، كثير من الانفجارات العاطفية
ليست ردود فعل على اللحظة
بل عودة جراح قديمة تبحث عن مخرج…..
المرونة العقلية ليست مهارة لطيفة… إنها قدرة على البقاء دون أن تتحول إلى نسخة قاسية من نفسك….
في الواقع، العلاقات لا تنهار لأن الألم ظهر، بل لأنها لم تعرف كيف تتعامل معه..
الألم ليس خللا في الحب، بل اختبارا لبُنيته الداخلية….
المرونة العقلية لا تعني أن تتأقلم مع كل شيء ..
بل أن تُميّز بين ما يُحتمل… وما يجب أن يُعاد النظر فيه…
-هي أن تخيب دون أن تتحطم
-أن تختلف دون أن تُعمّم
– أن تتألم دون أن تُعلن الحرب….
*في العلاقات الهشّة …
-أي خطأ يتحول إلى تهديد وجودي….
-كلمة واحدة تصبح دليلًا على نهاية كل شيء…
*وهنا يظهر غياب المرونة
حين يعجز العقل عن الفصل بين الحدث ومعناه المُتخيَّل.
في علم النفس يُسمّى هذا التعميم القهري:
أن تأخذ تجربة واحدة ..وتحوّلها إلى حكم أبدي على الإنسان ..
والعلاقة…وحتى على نفسك.
المرونة الحقيقية تبدأ من الداخل، لا من الطرف الآخر…
أن تقول لنفسك:
– نعم، تألمت… لكن هذا لا يعني أنني خُذلت للأبد…
– نعم، أخطأ… لكن هذا لا يُلغي كل ما كان….
– نعم، العلاقة اهتزّت… لكن الاهتزاز ليس انهيارا بالضرورة…
قال الفيلسوف الرواقي إبكتيتوس:
“ليس ما يحدث لنا ما يؤلمنا، بل الطريقة التي نفسّر بها ما يحدث”
وهنا بيت القصيد:
العقل المرن لا ينكر الألم لكنه لا يسمح له بأن يقود الدفّة….
في الزواج، في الصداقة، في الحب… إمّا أن تتعلّم تنظيم عاطفتك …
أو ستُدار بها..
*تنظيم العاطفة لا يعني الكبت … بل الوعي باللحظة قبل أن تنفجر….
أن تعرف متى تصمت لتفهم… ومتى تتكلم لتُصلح ..
ومتى تنسحب مؤقتًا كي لا تقول ما لا يُسترد…
أما غياب المرونة.. فيُحوّل كل خلاف إلى معركة كرامة
وكل صمت إلى عقاب
وكل تعب إلى نهاية مُعلنة….
ومن هنا، العلاقات تمرّ حتما بمرحلة حرجة…
لكن النتيجة ليست واحدة….
إما أن ينهار الطرفان… لأن الألم قاد العقل ..
أو تنضج العلاقة.. لأن الوعي قاد الألم.
النمو لا يحدث حين تختفي الصعوبات بل حين تتعلّم كيف تُفكّر وأنت بداخلها.
قال نيتشه:
“ما لا يقتلني… يجعلني أفهم نفسي أكثر”
والفهم هنا ليس فلسفة بل قدرة عملية على عدم تدمير كل شيء
كلما تألمت.
المرونة العقلية شرطا أخلاقيًا للاستمرار…
هي الفرق بين شخص يُحوّل كل علاقة إلى ساحة تصفية حسابات
وشخص يُحوّل الألم إلى معرفة .. والصِدام إلى وعي …
والخلاف إلى فرصة لإعادة البناء…
العلاقات لا تحتاج أشخاصًا بلا ألم ..
بل أشخاصًا يعرفون كيف يحملون ألمهم
دون أن يُسقطوه على من يحبون.
إحسان الفقيه زاوية إخبارية متجددة