سؤال يتكرر … كيف نُغيّر حياتنا إلى الأفضل؟

سؤال يتكرر … كيف نُغيّر حياتنا إلى الأفضل؟

جوابي البسيط :

-ليس بتغيير الطريق… بل بتغيير من يمشي فيه …

التغيير الحقيقي لا يبدأ من الخارج

لا من وظيفة جديدة، ولا منزل، ولا علاقة …

بل يبدأ من الداخل، من تلك المنطقة العميقة التي سمّاها القرآن:

{ما بأنفسهم}

لأن الإنسان لا ينتقل إلى مصير جديد إلا حين يُغيّر ملامح نفسه القديمة.

1. في مواجهة الذات… قبل مواجهة الحياة ..

أول خطوات التغيير أن تملك شجاعة الجلوس مع نفسك دون تجميل.

أن تُحصي سلبياتك بلا خوف ..

وتضع لكل منها نقيضا يواجهه ..

فالنفس -كما يقول ابن القيم – “تتربى بالضدين” !

كل عادة سيئة لها عادة مضادة ..

وكل ضعف يملك ظله من القوة إذا استدعيته….

2. أخطاء الماضي… ليست قيدا ولا شيء فيها يعيب… بل بوصلة ..

التجارب التي جرحتك لم تكن عائقا بل كانت تدريبا على الاتساع…

من لا يفهم ماضيه، يعيد كتابته بجهل…

ومن يتصالح مع ماضيه، يخلق مستقبله بوعي.

ولهذا قال الحكماء:

“السقوط الأول هو المعلم، والسقوط الثاني هو الإهمال”

3. بناء الثقة… لا يأتي من الثناء بل من التجربة ..

الثقة ليست كلمة … الثقة سلوك….

هي أن تنهض كل مرة كنت تظن فيها أنك لن تنهض…

أن ترى النور رغم ثقل الظلام ..

أن تصدّق أن الله -الذي بيده كل شيء- لا يترك من يمشي إليه ولو متعثّرا.

4. البدء من الصفر… ليس عقوبة بل نعمة ..

الصفر مساحة نقية .. لا تُشوّهها أخطاء البشر…

الصفر بداية صادقة

لا تُبنى على ردود أفعال أو أحكام مسبقة….

قال الروسي دوستويفسكي:

“من يبدأ من الصفر، يبدأ من الحياة”

ولا شيء أثمن من حياة تعاد كتابتها بيدك لا بيد الظروف…

قال ربّ العزة : {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا • إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}

فالصفر في الإسلام أيضا ليس سقوطا…

بل بدايةٌ يُرافقها وعدٌ إلهي باليُسر، ولو بدا الطريق مُظلِما…

وفي الحديث الشريف:

“واعلم أنّ النصر مع الصبر، وأنّ الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا”

فمن يبدأ من الصفر لا يعود إلى الهامش ..

بل يبدأ من حيث ترافقه سُنن الله في الكون:

التجدد، الانبعاث، والقيام بعد السقوط….

البداية من الصفر هي بداية للحياة

{وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا}

فالصفر في ميزان السماء ليس فراغا…

بل نقطة خروج

وبذرةُ يُسرٍ خفي

تتفتح عندما يظن القلب أنه انتهى …

5. اقتحام الأبواب… لا انتظار أن تُفتح

الكون -كما قال ابن عطاء الله -: “لا يفتح لك بابا حتى تطرق”

والآية: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا} ..

دعوة للحركة، للجرأة، للاجتهاد.

رزقك ليس في السكون…

بل في الخطوة التالية…

فهل أنت جاهز للحركة والخروج من منطقة الراحة التي أقنعت نفسك أنها الكمال والغاية من الحياة؟!

6. اغتنام الفرص… لأنها لا تأتي مرتين بنفس الشكل:

الفرصة ليست حدثا خارجيا .. الفرصة وعيٌ يرى ما لا يراه الآخرون.

كثيرون مرّت الفرص أمامهم

لكنهم كانوا ينظرون في اتجاه آخر…

يا ابن العم .. الحظّ ليس كما تظنون وتُرددون ..

الحظّ يساوي = فرصة وجدت استعدادا ..

فهل أنت مُستعد؟!

هل أنت مؤهّل؟!

هل تعلمت لغة جديدة.. هل تعلمت مهارة .. هل قرأت كتابا فأثّر في تركيبتك وتكوينك .. هل خرجت من صندوق العادية والتكرار ..؟!

راجع نفسك .. ما الذي تمتلكه من مهارات وخبرات وهوايات لكي تكون جديرا بالحصول على فرصة قد تأتيك بترتيب ربّاني أو تأتيك بتزكية من أحدهم؟

لماذا تُصدقون كذبة أن الفُرص تُحصد بالحظّ -حسب تعريفكم- دون بذل أي جهد ؟!

أعِد تعريف الحظّ لديك ثم تعامل مع الواقع بجديّة ..

7. تثقيف الذات… لأن الجهل يكلف أكثر من العلم ..

التعلم ليس رفاهية .. التعلم ضرورة بقاء…

إنسان بلا معرفة .. هو إنسان يسهل أن يُقاد ..

ويسهل أن يُستغل

ويسهل أن يضيع….

فما الذي تعلمته بعد خروجك من المدرسة او الجامعة؟!

إياك أن تقول ( ما إلي حظ وشوفيلنا واسطة) لأني تعبت من قلّة حيلتك وضعفك!

8.اختر دائرتك… فالمناخ يصنع المناعة…

البيئة ليست هامشا في حياة الإنسان، البيئة قدرٌ مكتوب بلغة لا ننتبه إليها إلا بعد أن تتشكل أرواحنا على نحوٍ يشبه تُربتها…

الجغرافيا ليست مجرد خرائط .. الجغرافيا هي الأرض التي تُنبتك، والهواء الذي تتنفسه .. والناس الذين يُشكّلون مناخا نفسيا واجتماعيا..

إمّا يرفعك… أو يثقل خطاك…

ولهذا قال ابن خلدون:

“الإنسان ابنُ بيئته” ليس مجازًا ولا فلسفة… بل قانونا من قوانين العمران…

خالِط الناجحين .. لا لأنك تبحث عن ضوء يُضفي عليك بعض لمعانه ..

بل لأن النجاح عدوى روحية ..

تلتقطها من طريقة الكلام ..

وطريقة التفكير وطريقة مواجهة الألم…

واهجر الفاشلين…

لا لتحتقرهم .. بل لتحمي نفسك من عدوى اليأس والتذمر وكثر الشكوى والشكوى وقلّة الامتنان ..

ذلك المرض الصامت الذي ينتقل عبر الأحاديث السلبية ..

أكثر مما ينتقل عبر التجارب نفسها….

فالمرء -كما قال النبي ﷺ : “على دينِ خليله، فلينظر أحدكم من يخالل”

والدين هنا ليس عقيدة فقط

بل منهج حياة:

طريقتك في النظر، في التوقع، في اتخاذ القرار، في حمل الهمّ…

كلها تتشكل بصمت من أولئك الذين تجلس معهم كل يوم…

**دوائرك الاجتماعية ليست اختيارا شكليا **

بل هي أساس حياتك القادمة…

فلا تصنع القمم إلا بمن اعتادوا الصعود ..

ولا تخرج من الهاوية بصحبة من استوطنوها…

اختر دائرتك كما تختار مصيرك

فهما -في الحقيقة -الشيء نفسه…

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:

“اعتزل ما يُريبك إلى ما لا يُريبك” ..

9. احترام الوقت… جوهر كل تغيير ..

الوقت ليس ساعات، الوقت روح….

الوقت إما أن تُنفقه فتربح أو يُنفقك فتخسر.

وأول علامات النضج…

أن تعرف ماذا تفعل في ساعة فراغك…

بل أن تسعى بجديّة أن لا يكون لديك فراغ أصلا ..

10. الهدف… ليس رفاهية نفسية بل نظام تشغيل للروح ..

*من لا يملك هدفا .. يعيش في دوائر بلا اتجاه.

الهدف نور والنور يشخذ همّة الضعيف .. ويُرشد التائه ..

ويُحيي من ظنّ الجميع أنه ممن يُقال فيه: “لا حياة لمن تنادي .. ” !

11. تحرير الذات من العادات التي تستهلك العمر ..

التدخين، الفوضى، الإسراف، السلبية…

ليست عادات ..

هي ثقوب في وعاء حياتك….

مهما ملأته ..

سيفرُغ !

والتحرر منها ليس شجاعة…

بل ضرورة حتى لا تهدر عمرك كالماء في الرمل…

12. الشجاعة… ألا تنتظر الكمال قبل أن تبدأ ..

الشجاعة هي أن تخطئ بوعي .. وتتعلم بسرعة

وتنهض بلا خوف .. ولا تجعل ثقافة العيب سجنا ..

ولا تجعل الخجل ستارا يمنعك من أن تكون نفسك…

التغيير الحقيقي لا يبدأ حين تتغير الظروف كما تُرددون يا أبناء العمومة والدين

بل حين تتغيروا أنتم….

ومن يصدُق في نيته ويُخلص في سعيه

ويمشي في الأرض بأمل وروح إيجابية وبيقين

فإن وعد الله يفتح له أبوابا لم يكن يظن أنها تُفتح…

{إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}

هذا قانون الوجود…

فإذا تغيّرت من داخلك …. تغيرت حياتك وتغيرت نظرتك لكُل ما حولك ..

عن Ehssan Alfakeeh

شاهد أيضاً

“هل يتقدّم الإنسان في العمر حين يتوقف جسده… أم حين تتوقف علاقته بالمعنى؟”

سؤال بسيط في شكله، خطير في مضمونه: “هل يتقدّم الإنسان في العمر حين يتوقف جسده… …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *