“استهداف العشائر الأردنية… محاولة يائسة لضرب وحدة الدولة”

مقدمة …. في لحظة فارقة من المشهد الأردني، وبينما كانت الدولة تُعلن إحباط مخطط تخريبي خطير يستهدف أمن الوطن واستقراره، وجدت العشائر الأردنية نفسها في مرمى هجمة إعلامية مضادة، حاولت عبثًا التشكيك في مواقفها الوطنية وولائها التاريخي للدولة.

وبينما أثبتت العشائر مجددًا أنها صمام الأمان للوحدة الوطنية، تصاعدت حملات تحريضية من جهات محلية وخارجية، تسعى لإضعاف هذا الحصن الاجتماعي والسياسي المتجذر. فما دلالات هذه الهجمة؟ ولماذا تحاول بعض الأطراف النيل من التحالف الوثيق بين العشائر والدولة في لحظة أمنية دقيقة؟ *شهد الأردن تطورات أمنية بالغة الأهمية، تمثلت في إعلان المخابرات العامة عن إحباط مخطط خطير يستهدف أمن الدولة والمجتمع الأردني ذي الطابع العشائري. وقد أسفرت العملية عن اعتقال 16 شخصًا، وجهت إليهم تهم تصنيع صواريخ وطائرات مسيرة، وحيازة أسلحة نارية ومواد متفجرة. وعلى الرغم من الموقف الموحد للعشائر الأردنية إلى جانب الدولة، فإنها تعرضت لهجمة إعلامية محلية وخارجية، تستوجب التوقف عند دلالاتها وأبعادها.
1- موقف العشائر الأردنية … برز موقف العشائر الأردنية داعمًا للدولة، معبّرًا عن انحيازها الواضح للحفاظ على أمن البلاد واستقرارها. إذ كان يمكن للعشائر، بحكم ثقلها الاجتماعي، أن تشكل بيئة حاضنة أو رافضة لمثل هذه المخططات. وقد اختارت الانحياز إلى الدولة، منطلقةً من قيمها الأصيلة القائمة على حماية الوطن ومؤسساته.

ويُعدّ هذا الموقف استمرارًا لدور العشائر في بناء الدولة الأردنية، وتعزيز وحدتها الوطنية، والحفاظ على هويتها الجامعة، لا سيما في ظل محدودية ثقة المواطنين بالأحزاب السياسية، مقارنة بثقتهم التاريخية بالعشائر.
2- أبعاد الهجمة الإعلامية على العشائر … لم تقتصر التطورات الأمنية الأخيرة على بعدها الأمني، بل تعدتها إلى محاولة استهداف العشائر الأردنية عبر حملات إعلامية منظمة. وتسعى هذه الحملات إلى ضرب التحالف التاريخي بين الدولة والعشائر، وتقويض دورها، وبث بذور الفرقة داخل المجتمع، عبر الإيحاء بوجود ارتباط بين بعض المتهمين وخلفياتهم العشائرية، في مجتمع ينتمي أغلب أفراده إلى عشائر معروفة.
3- تحمل هذه الهجمة دلالات خطيرة، أبرزها …
-محاولة إثارة صراع الهويات داخل المجتمع الأردني،
-وزعزعة الثقة بالمرتكزات الاجتماعية التقليدية التي يقوم عليها النظام السياسي والاجتماعي، لا سيما في ظل وجود مزيج ديمغرافي من الأردنيين الأصليين والفلسطينيين.
4- تفاصيل الكشف عن الخلية الأمنية … في منتصف أبريل 2025، أعلنت المخابرات العامة الأردنية عن تمكنها من إحباط مخطط يستهدف الأمن الوطني، بعد عملية مراقبة استخباراتية دقيقة استمرت منذ عام 2021.. وأوضحت المديرية أن المخطط شمل تصنيع صواريخ باستخدام أدوات محلية ومستوردة، حيازة متفجرات وأسلحة نارية، تجهيز صاروخ للإطلاق، والتخطيط لتصنيع طائرات مسيرة، وتجنيد وتدريب عناصر داخل وخارج البلاد. كما كشفت التحقيقات عن أن بعض المتهمين تلقوا تدريبات في الخارج، وتحديدًا في لبنان، وأنهم ينتمون إلى جماعة سياسية غير مرخصة ومنحلة بموجب أحكام القانون. وقد عرض التلفزيون الأردني اعترافات مصورة لعدد منهم، تضمنت إقرارهم بالتدريب على تصنيع الصواريخ والطائرات المسيرة.
5- موقف العشائر ودورها الأمني بعد الإعلان الرسمي عن الخلية الأمنية .. تأكيد العشائر الأردنية لموقفها الداعم للدولة، ورفضها أي تدخلات خارجية أو محاولات لزعزعة الأمن، يمثل امتدادًا لدورها التاريخي في الحفاظ على استقرار الأردن. وقد أكد مؤتمر عشائري عقد في مدينة الرمثا عقب الكشف عن الخلية الأمنية، أهمية دور العشائر كجهات رديفة ومساندة للحكومة في حماية الأمن الوطني والاجتماعي، ضمن إطار سلطة الدولة الشرعية. وشددت العشائر خلال المؤتمر على رفضها القاطع لأي محاولات لزعزعة أمن البلاد أو استغلال معاناة المواطنين لإثارة الفتن، مؤكدين استعدادهم للوقوف في وجه كل من يحاول المساس باستقرار المملكة وهيبتها.
6- التحديات الإقليمية وأهمية تماسك الجبهة الداخلية … يأتي الكشف عن الخلية في ظل بيئة إقليمية مضطربة، حيث يواجه الأردن تحديات متزايدة نتيجة المتغيرات في سوريا، واستمرار تداعيات الحرب في غزة. وتشكل هذه الأوضاع أرضية خصبة لبث الأفكار المتطرفة، ومحاولات استهداف الجبهة الداخلية الأردنية عبر تسلل العناصر المعادية أو استغلال الأزمات القائمة. ويبرز في هذا السياق الدور الحيوي للعشائر الأردنية كضمانة إضافية لتعزيز الأمن والاستقرار، إلى جانب أجهزة الدولة ومؤسساتها.

*خاتمة… تؤكد التطورات الأخيرة أهمية الحفاظ على وحدة الصف الوطني الأردني، وتعزيز الشراكة بين الدولة والعشائر كركيزة أساسية للأمن والاستقرار. إن الهجمات الإعلامية التي تحاول المساس بالعشائر الأردنية لن تنجح في زعزعة الثقة المتبادلة بينها وبين الدولة، بل ستزيد من تماسك الجبهة الداخلية أمام التحديات الإقليمية والداخلية الراهنة.

عن Ehssan Alfakeeh

شاهد أيضاً

منهج الرافعي في تحسين أسلوب الكتابة وقوة الإنشاء

تحتل الرغبة في التمكن من الكتابة بأسلوب قوي بليغ، مكانة كبيرة لدى قطاع كبير من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *