صدق والله طرفه بن العبد:
وظلمُ ذوي القربى أشدُّ مضاضةً على المرءِ من وَقْعِ الحُسامِ المُهنّدِ
حين دافعت – ولا أزال – عن عدالة الموقف القطري، لم أكتب تعهدات لأحد ولا لجهة بأنني سوف ألتزم خط المناصرة في كل المواقف حتى لو رأيت ما يخالف قناعاتي، لقد دافعت عن قطر لأنها تستحق، فهي الطرف المظلوم في الأزمة الخليجية، وتوجهاتها في السياسة الداخلية والخارجية أكثر السياسات العربية والخليجية اعتدالا، هي قبلة للمظلوم، وشعبها من أطيب الشعوب العربية وأكثرها رقيًا، وتنأى بنفسها دائما عن الصراع، بل تطرح نفسها كوسيط في المبادرات لحل الأزمات الإقليمية.
ولم أكن أبالي بخسارة الجمهور السعودي الذي لم يعجبه أن أنصف قطر في الحصار الغاشم، وكذلك أيضًا لم أفكر في احتمالات خسارة قطاع من الجمهور القطري عندما انتقدت بعض التناول الإعلامي لقناة الجزيرة، وانتقدت كتاب عزمي بشارة عن السلفية إحقاقًا للحق ونصرة له. على إثر موقفي هذا، أرسل إلى أحد الأصدقاء القطريين يفجعني بحديثه عن اتخاذي مسارًا جديدًا.
أيها الأخ الكريم إن قطر ليست عزمي بشارة، وقطر ليست مذيعات الجزيرة، قطر أكبر عندي من ذلك وأجلّ، ومن يتتبع مواقفي تجاه قطر منذ أن صار لي قلم، سيدرك أن ثبات مبادئها انعكس على ثبات موقفي منها، الداعم لها والمنافح عنها، وأكرر ليس ذلك منة مني، ولكن قطر تستحق أكثر من ذلك.
أيها الأخ الكريم، قديمًا قال الأولون: “رحم الله امرءا أهدى إلي عيوبي”، وما أيسر أن تجد من يطبل لك مع كل شهيق وزفير، لكني أحمد الله أنني لست من هذه الفئة، وما كتبته وأكتبه دفاعًا عن قطر فلقناعتي بعدالة قضاياها، وعندما أنتقد شيئًا داخل حدودها فمن باب تقديم نصرة الحق على نصرة الرجال. ولئن كان رأي صديقي هذا يمثله أو يمثل ثلة من المجتمع القطري، فلله الحمد والمنة، الشعب القطري يعرف الكثير عن هذه التي تكتب من أجل نصرة قضاياه وحقوقه المشروعة، وأقسم بالذي رفع السماء بلا عمد، لو أن كل القطريين حذوا حذوه ونظروا إلي ذات النظرة، لما ترددت لحظة في مساندة تلك الدولة بقلمي في الحق ومن أجل الحق، الحق وحده هو بوصلتي وهدفي ومرامي، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.