أن تكون وطنيّا… لا يعني أن تُغلق عينيك ولا أن تُسلّم عقلك

أن تكون أُردنيا وطنيّا… لا يعني أن تُغلق عينيك ولا أن تُسلّم عقلك،

ولا أن تُعلّق ضميرك على شماعة الشعارات …

أن تحبّ بلدك، يعني أن يكون قلبك مع الفقراء والمساكين قبل أن يكون مع المنصّات …. وأن ترى الوطن بشرا قبل أن تراه حدودا..

وكرامة قبل أن تراه خطابا …

أن تحبّ الأردن لا يعني أن تكره غيره

ولا أن تصطفّ ضدّ قضايا الآخرين …

فالأوطان لا تتنافى والعدل لا يتجزّأ

والإنسان لا يُختصر في جواز سفر.

المشكلة ليست في الوطنية بل في من حوّلوها إلى تهمة جاهزة:

إن احترمتَ ملك بلدك ورفضتَ الإساءة له قيل لك عبد منافق مُتزلف..!

وإن انتقدتَ الفساد او الفاسدين قيل لك عميل

وإن طالبتَ بالإصلاح قيل لك أجندة خارجية

وإن دافعتَ عن وطنك قيل لك عنصري مُحترق.

كأن المطلوب منك أن تكون إما صامتا أو صاخبا بلا وعي !

إما مُهلّلا لأي شيء أو ناقمًا بلا مسؤولية على كُل شيء.

أما الحقيقة فهي أبسط وأصعب في آنٍ واحد:

أن تطالب باحترام ملك بلدك لا يعني تقديس الأشخاص

بل احترام الدولة وهيبتها واستقرارها….

وأن تنتقد الخلل لا يعني كراهية الوطن

بل الحرص عليه من الانهيار والتآكُل في صمت…

وأن ترفض الوصاية الخارجية لا يعني أنك ضدّ القضايا العادلة لشعوب أخرى..

بل ضدّ تحويلها إلى عصا تُكسر بها أوطان الناس.

بعد سنوات من الضياع والغرق مع بعض التيارات (غير السويّة) ..

أدركتُ أن الوطني الحقيقي لا يصرخ أكثر

ولا يزايد أكثر

بل يتحمّل أكثر….

يعرف متى يتكلم، ومتى يصمت

متى ينتقد، ومتى يصمت بدافع الحماية والحرص ..

متى يقول: هذا خطأ .. ومتى يقول: هذا خط أحمر.

أما أولئك الذين يقدّسون بلدانهم وقضاياهم

ثم يهاجمون غيرهم بتهمة العنصرية ..

فهم في الغالب يمارسون ما ينكرونه:

يريدون وطنا لهم وحدهم، وقضيةً لا تحتمل الأرض سواها.

حبّ الأردن ليس تهمة

واحترام الملك ليس نفاقا ..

والنقد الواعي ليس خيانة ..

والدفاع عن بلدك ليس عنصرية…

العيب ليس أن تحب وطنك

العيب أن تحبه بلا وعي

أو أن تكرهه بلا عدل !

وهذه المسافة الدقيقة

بين الوطنية والتهليل

وبين النقد والعداء

لا يفهمها إلا من أحبّ وطنه بعقل حيّ…

وقلب نظيف.

عن Ehssan Alfakeeh

شاهد أيضاً

العقل لا يسكن الرأس… بل يسكن زاوية النظر

لسنوات طويلة، تعلّمنا أن نفصل بين العقل والجسد… كأن التفكير يحدث في حيٍّ معزول داخل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *