لا أحد يُمكنه أن يُملي على الإنسان خصاله …
لا السماء لا الأرض لا الكائنات ولا الماورائيّات التي تأكل مخلّفات الأشياء التي لم يُذكر اسم الله عليها..!!!
لا الصيف مسؤول عن مزاجيّتك
ولا الشتاء قد أطلق عليك رصاص التواكل ..
لا الخريف قد منح سواك وظيفة فاتتك وكنت بها جديرا
ولا الربيع هو الذي نادى بتحويل الحريّة الى كبسولات للفوضى وتحاميل لإفراز التفاهة والتافهين وتهجير أدوات التغيير الى درج السكاكين..
أما والداك فقد أشعلا فيك شيئا او قد أطفآه
ربما عوّداك على أمر او عزّزاك على فعل لم يكن -في زمانهما- بذلك السوء الذي اصبح عليه الآن ..
ولكنهما لم يسلبا منك بوصلة تستقرّ في أعماقك تميل بك للخير والسرور و تنفُر بك من كل اسباب التعاسة والشرور ..
وبلا شك .. كلّ منا -في محتواه- ما هو الا نتيجة ..
ولكن لاتّتهم الجينات الوراثيّة طيلة الوقت
ولا تعوّل كثيرا على النصيب ولا تنتظر الحظ ولا تيأس فتبحث لك عن مخرج بين المقابر …
فمن شدّة انتظار الخلق لذلك الحظ العاثر تحوّل الى “إلهٍ مُتغطرس” واستعلى في الأرض ولم يعد يعنيه لا عطش الخلق ولا جوعهم …
في الصالونات السياسية كما في القرى كما في المؤسسات الرفيعة المستوى”النميمة” لا تُورّث وليست مهمة وظيفيّة وليست لازمة من لوازم الوطنية او المعارضة او حتى الحياد ..
النميمة تُقدّم لك ولي وله ولها في أطباق ..
قد تكون أطباق ميلامين او بلاستيك او ورق او “قشنيّات” المونيوم وإن تم تقديمها في أطباق زجاجية فاعلم انك أمام “نميمة مدعّمة” بالعناصر الضرورية
لتحويل الاشاعة الى “بروش” يعتلي ثوب سيدة مترهّلة تعمل في الديوان الملكي او في مؤسسة ملوّثة كمؤسسة نهر الاردن
بل وتملك سلطة فريق وزاريّ وسلامتها عند أولي الأمر أهمّ من حياة لواء أردنيّ كامل وربما محافظة..
في بلادنا قد تتحوّل الكذبة الى بند دستوريّ وقد يتمّ دمج الدسائس في مناهج التطوير التربوي
او قد تتحوّل قلّة الأدب -رفعا للعتب- الى دائرة مكافحة الفساد لإعلانها -بعد التحقّق من نزاهتها- رمزا وطنيّا
أطلق الحاقدون عليه رصاص التشكيك ومن حقّه “مسدّس ملكيّ” لا يُستخدم فقط الا تحت قبّة البرلمان..!!لست مجبرا على تذوّق أيٍّ من محتويات تلك الأطباق ولست مجبرا على الجلوس على تلك الموائد او مراقبة سخافات من يقومون بإعدادها وتزيينها وعرضها ليقولوا :
“في بيتنا مائدة ديموقراطيّة قوامها كل مخلوقات الله الطائرة والماشية على اربع والمتوكّلة على قدمين..
“المحمّرة والمقمّرة والتي تسبح في مرقِها” ومش ناقصنا غير شوية جرجير وفجل..”..!!!
إجلس على الأرض او على حافّة رصيف وتناول “منقوشتك او كعكة التمر او شطيرة البيض المسلوق” مع ايّ من الجمع ولو مرّة في الشهر ..
اجلس مع مع المارّة ممن لا تعرف ..
او مع الباعة المتجوّلين او مع الحمّالين من كبار السن –
ستجد الكثيرين منهم خلف المسجد الحسيني في عمان او قرب دوّار الساعة في اربد وقرب كل “حسبة” اردنية في اي محافظة او لواء –
واشرب قهوتك وانت تستمع الى أولئك الذين قدِموا للعاصمة او للمدينة لبيع مقدّرات حقولهم يوما ولم يعودوا
فباعوا حقولهم والطرقات لتبيعهم أزقّة المُدن ويشتريهم البؤس..
سيقولون لك في نهاية زفرتهم المكرّرة تلك كما قلتُ أنا سابقا:
“ياليتني ماخرجت من قريتي وما دخلت العاصمة “..