التواضع ليس فضيلة.. إنه فهم للحقيقة

التواضع ليس فضيلة إضافية نُعلّقها على صدورنا ولا مهارة نتدرّب عليها بوعيٍ أخلاقي مُتكلّف .. ولا صفة ننتظر أن يُكافئنا الآخرون عليها بالتصفيق ،،،

والإشارة إلى كوننا ( متواضعين ) ماشاء الله !

التواضع هو الحالة الطبيعية لمن فهم الحقيقة…

حقيقة أن الإنسان هشّ

وأن حياته وأنفاسه ليست شيئا ثابتا

وأن كل ما يملكه -جسدا، مالا .. ممتلكات أو مكانة، أو شهرة –

قابل لأن يُسحب في لحظة لا إنذار لها:

-فيروس لا يُرى

-جلطة بلا موعد

-سقوط في ثانية غفلة…

من يدرك هذا

لا يجد في التعالي معنى ولا في الاستعلاء حماية.

لسنا متواضعين لأننا “أفضل أخلاقيا” بل لأن الحقيقة أقوى من أي قناع…

كل ما نملكه مؤقت

– الجسد الذي نتباهى به مستعار

– الأسماء التي نُعرّف بها ستُنسى كأنها لم تكُن

* الثقة ليست أن تقول: أنا أعلى منك، ولا أن تلوّح بإنجازك كدرع

ولا أن تبني قيمتك على مقارنة مستمرة.

-الثقة الحقيقية أن ترى نفسك كما أنت:

مخلوقا مُكرّما من عند ربّك، لا متفوقا على سواك ..

قويا بالحق، لا بالقياس

ثابتا دون أن تُقصي أحدا

وواضحا دون أن تطلب من العالم أن يشبهك او يتبعك…

قال الله تعالى:

﴿وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا﴾

ليس لأن الفرح خطيئة بل لأن الوهم بالسيطرة بعد الفرح

هو العطب الحقيقي…

نحن – مهما اختلفت لُغاتنا وألواننا وطقوسنا – لا نختلف في الجوهر:

نتألم بالطريقة نفسها

نرجو الأمان نفسه

وننكسر من الكلمة الجارحة نفسها

ونبحث – بصمت – عن مساحة آمنة لا نُهان فيها…

قد نختلف في طريقة الأكل

وفي أسماء الله

في طريقتنا ونحن نُناجيه سبحانه ..

قد نختلف في تجعيدة الشعر او مزاج الأكل

وفي الجغرافيا وفي قراءتنا لتاريخ من سبقونا ..

لكن هذه الفوارق ليست مبررا للتعالي والفوقية

بل اختبارا دقيقا للأخلاق ..

من عرف ربّه

استقام ميزانه مع الخلق

فلم يتعالَ بدين

ولا بلون

ولا بعلم

ولا بمكانة ولا بمال ولا حتى بمعاناته او صلواته التي يحرص عليها في خلواته ..

الفرد فينا ( أنا أو أنت ) ليس مركز الكون ولا هو هامشه كذلك.

هو عبد مكرّم .. عابر في الأثر .. باقٍ بالعدل.

ومن فهم حجمه الحقيقي

لم يعد مشغولا بإثبات نفسه فوق الآخرين .. بل انصرف إلى شيء أندر وأصدق:

أن يكون إنسانا.. قبل أن ينتهي العرض الدُنيوي فوق مسرح الحياة .. وتنطفئ الأضواء.

وما دون ذلك…

مجرد ضجيج…

عن Ehssan Alfakeeh

شاهد أيضاً

وراء كل نجاح لامع.. رحلة لا يراها أحد

أكثر ما يضلل وعينا عن معنى النجاح هو تلك اللحظة اللامعة التي يراها الجميع.. ويغيب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *