بين فترة وأخرى، تعود قضية الأسيرة الأردنية المحررة من أصول فلسطينية، أحلام التميمي، إلى واجهة الأحداث مع تكرار الولايات المتحدة مطالبتها الأردن بتسليمها، وهو ما ترفضه عمّان بشكل قاطع رغم ما تتعرض له من ضغوط أمريكية.
التميمي، مواطنة أردنية من أصول فلسطينية، تصدرت واجهة الإعلام بعد مشاركتها في هجوم استهدف مطعم “سبارو” في القدس المحتلة عام 2001، وأسفر عن مقتل 15 شخصًا، بينهم مواطنان أمريكيان. وعلى إثر ذلك، اعتقلتها السلطات الإسرائيلية وحكمت عليها بالسجن المؤبد، قبل أن يُفرج عنها ضمن صفقة تبادل أسرى عام 2011 بين إسرائيل وحركة حماس، مع إبعادها إلى الأردن حيث تعيش حتى اليوم.
ومع تراجع المساعدات الأمريكية للأردن عقب تقليص الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لنشاط الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في المملكة، تحاول الولايات المتحدة ممارسة المزيد من الضغوط على الأردن لتسليم التميمي، مستغلة الوضع الاقتصادي. إلا أن الأردن يستند في رفضه إلى قرار محكمة التمييز الأردنية الصادر في مارس/آذار 2017، والذي قضى برفض الطلب الأمريكي، لعدم مصادقة البرلمان الأردني على اتفاقية تسليم المطلوبين الموقعة مع الولايات المتحدة عام 1995، وبالتالي فهي غير نافذة قانونيًا.
وتُعد قرارات محكمة التمييز قطعية لا يمكن الطعن بها، كما أن الدستور الأردني يمنع تسليم أو إبعاد المواطنين الأردنيين. وقد نجح فريق من المحامين في رفع اسم التميمي من النشرة الحمراء للشرطة الدولية (الإنتربول).
وجاء قرار المحكمة بعد أن طالبت وزارة العدل الأمريكية الحكومة الأردنية بتسليم التميمي، وذلك عقب وضع مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) اسمها على لائحة “الإرهابيين” المطلوبين، بتهمة المشاركة في تفجير المطعم الإسرائيلي عام 2001، والذي قُتل فيه أمريكيان. ولا يزال المكتب يرصد مكافأة مالية مقابل أي معلومات تقود إلى اعتقال التميمي.
وفي فترات متكررة، تنشر بعض الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع إخبارية أنباءً عن أن الحكومة الأردنية طلبت من التميمي مغادرة البلاد فورًا، أو خلال أيام، لكن الأردن عادة ما ينفي صحة هذه الأنباء على لسان كبار مسؤوليه. ففي فبراير/شباط الماضي، نفى رئيس مجلس النواب الأردني أحمد الصفدي صحة الأخبار المتداولة حول ترحيل التميمي، ووصفها بأنها “غير دقيقة”، مؤكدًا أن “الأردن لا يفرّط في مواطنيه ويحترم قرارات القضاء”. كما شدد محامي التميمي على أنه لم يُبلَّغ بأي طلب رسمي من السلطات الأردنية بخصوص مغادرتها.
ولا تزال الولايات المتحدة تمارس ضغوطًا سياسية واقتصادية على الأردن، مع تهديد عدد من أعضاء الكونغرس الأمريكي بفرض عقوبات على المملكة في حال تمسكها برفض الطلب الأمريكي.
ومع ذلك، يتمسك الأردن بموقفه القانوني المستند إلى قرار القضاء، في ظل غياب أي سند قانوني يجيز تسليم التميمي أو ترحيلها. كما يقف الرأي العام الأردني إلى جانب سياسات الحكومة، رافضًا أي تنازل للولايات المتحدة، ومطالبًا بعدم الرضوخ للضغوط. وقد خرج الأردنيون في عدة مناسبات في مسيرات تندد بالمطالب الأمريكية وترفض الإملاءات أو التهديدات.