الرئيسية / مقالات / الشأن الإيراني / عجز أمتي وجَلَدِ المجوس

عجز أمتي وجَلَدِ المجوس

“الخطة الخمسينية الإيرانية لابتلاع المنطقة”

بينما كانت “أليس” تسير في الغابة وحدها، قابلت صديقها الأرنب، والذي التقته عند مفترق طرق، لا تدري أيها تسلك.

فسألته: أي هذه الطرق أسلك؟

فأجابها الأرنب بسؤال: إلى أي مكان تريدين الذهاب؟

قالت أليس: لا أعرف

قال الأرنب: إذن يمكنك أن تسلكي أيا منها.

هذا الحوار القصير الذي تضمنه سياق القصة الشهيرة “أليس في بلاد العجائب” للكاتب الإنجليزي “لويس كارول”، يجسد حال أمتنا إذ غابت عنها الرؤية ووضوح الهدف، لذلك تستوي أمامها جميع الطرق.

وفي الوقت الذي نفتقد نحن أهل الحق الرؤية والتخطيط المستقبلي، نرى في المقابل قوى الشر تمتلك مشروعات ورؤى وخططا، وتتفانى في الوصول إلى ما ترمي إليه، لأجد نفسي أستعير كما تعودت مقولة الفاروق عمر بن الخطاب: ” اللهم إني أشكو إليك جلد الفاجر، وعجز الثقة”.

وعند كلمة “جلد الفاجر” أتوقف حتما عند المشروع الإيراني الصفوي المجوسي الفارسي، الذي لا يقل خطرا على الأمة من المشروع الصيهوني، لكنَّ بني قومي عنه غافلون..أو ربما متغافلون.

إن أكبر تحول في تاريخ هذه الأمة الفارسية قد حدث عندما أتاهم الخميني بنظرية “ولاية الفقيه” والتي تحرروا بها من الركود الحركي والثوري، ومن الانتظار حتى يأتيهم الإمام الغائب، فناب الفقيه الخميني عن ذلك الإمام الذي ينتظرونه على باب سرداب سامراء، وحرك الأمة الإيرانية الفارسية.

“إننا نعمل على تصدير ثورتنا إلى مختلف أنحاء العالم”

بذا صرح الخميني في الذكرى السنوية الأولى لثورته المشئومة، ولم يدخر وأعوانه جهدا في ذلك، إلا أنه اتخذ في تصديرها مسارا عسكريا عرَّضه للصدام المسلح مع العراق، وهو ما أضعف من شعبية الثورة الخمينية.

وعلى الفور بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية قام أحفاد المجوس بتعديل المسار، وتصدير المشروع الإيراني الصفوي عبر أجندات اقتصادية واجتماعية وثقافية وتبشيرية بدلا من الصدام المسلح.

فبرز في عهد “خاتمي” خطة خمسينية تمت صياغتها وعرفت باسم “الخطة السرية لآيات الشيعة في إيران” تهدف إلى نشر الفكر الخميني الفارسي – الذي يرتكز على أساس طائفي رافضي- في دول الخليج بصفة خاصة، والشرق الأوسط بصفة عامة.

ولا بأس أن أذكر لفئام من بني قومي ممن تعودنا منهم قذف وشيطنة الصديق، وإحسان الظن بالعدو، أن هذه الخطة الخمسينية نشرتها رابطة أهل السنة في إيران (مكتب لندن)، وهي عبارة عن رسالة من مجلس شورى الثورة الثقافية الإيرانية إلى المحافظين في ولايات إيران، وقام الدكتور علي البلوشي بترجمتها من الفارسية والتعليق عليها.

وللمهتمين بالتوثيق أقول إن تفاصيل هذه الخطة الإيرانية نشرتها مجلة البيان الإماراتية في عددها رقم (78) تحت عنوان “الخطة السرية للآيات في ضوء الواقع الجديد”.

وقبل أن أسرد مختصرا لمكونات وعناصر ومراحل هذه الخطة الشيطانية، أنبه إلى أنني حتما سأجد من يشكك فيها، على غرار ما فعله البعض تجاه “بروتوكولات حكماء صهيون”، ولذا أقول ما قاله الشيخ محمود القاسم أبو الأمين على المشككين بصحة بروتوكولات حكماء صهيون: “ليس المهم صحة الوثيقة تاريخيا بقدر شهادة الوقائع والأحداث لها بالصحة؛ من خلال التطبيق الدقيق لكثير من تعاليمها”.

فطابقوا بين ما يسطره القلم، وبين ما ينطق به الواقع:

 الملامح العامة للخطة الشيطانية:

من خلال نص الوثيقة المترجمة يمكن استخلاص أهم ملامحها وعناصرها ومكوناتها في النقاط التالية:

* التأكيد على أن تصدير الثورة الإيرانية يأتي على رأس أوليات السياسة الخارجية الإيرانية.

* الخطة لها صبغة قومية فارسية، وثقافية واجتماعية وسياسية ودينية وتاريخية واقتصادية، وتستهدف أهل السنة داخل إيران، وخارج إيران في منطقة الشرق الأوسط والخليج بصفة خاصة.

* تعتمد الخطة على التقارب مع الدول الأخرى، وتجنيد ممالئين في هذه الدول، وإيفاد عملاء من إيران إلى هذه الدول.

* العمل على تغيير التركيبة السكانية لهذه الدول، عن طريق أمرين: الأول تهجير قطاعات سكانية من هذه الدول، والثاني: تشجيع الهجرة الإيرانية إليها.

* إنشاء مراكز ثقافية ومشروعات اقتصادية وحسينيات وجمعيات خيرية ومؤسسات طبية وخدمية داخل هذه الدول بغرض زيادة النفوذ الإيراني فيها.

* تقسيم مجال التطبيق الخارجي لتلك الخطة بحسب سهولة انتشار المذهب الشيعي، فهناك دول يسهل فيها انتشاره وهي دول: تركيا والعراق وأفغانستان وباكستان والبحرين.

وهناك دول يصعب انتشار المذهب الشيعي فيها على سبيل المثال: الأردن، ومصر، ودول الخليج عدا البحرين، وذلك بحسب مضمون الخطة.

الجدول الزمني للخطة:

هذه الخطة خمسينية يتم تنفيذها خلال 50 عاما، مقسمة على خمس مراحل:

المرحلة الأولى: التأسيس ورعاية الجذور

وتعتمد على إيجاد تكتل صفوي في البلدان المستهدفة- مثلما هو الحال في البحرين- بالهجرة الإيرانية إلى تلك الدول وإقامة علاقات ناجحة مع المتنفذين من أصحاب رؤوس الأموال، والمسئولين والإداريين فيها، وتشتيت أماكن التجمع السني ليحل بدلا منها تجمعات رافضية، كل ذلك في ظل غطاء من المشروعات الاقتصادية الضخمة.

المرحلة الثانية: مرحلة البداية

وجوهر هذه المرحلة عنصران، أولهما: شرعنة الوجود الإيراني في تلك الدول، والثاني: الوقيعة بين حكومات هذه الدول وأهل السنة.

ففي هذه المرحلة يسير الإيرانيون وفقا للأطر القانونية في تلك الدول المستهدفة، والحصول على الجنسية، وممارسة الانشطة بشكل رسمي عن طريق استصدار التراخيص اللازمة، ومحاولة التسلل إلى الأجهزة الحكومية والأمنية.

وفي نفس الوقت يعمل الصفويون على إبراز مواطن وأوجه الفساد في تلك الدول وتحريض علماء السنة على مواجهتها، ثم يقوم هؤلاء الصفويون بتوزيع منشورات باسم أهل السنة، وإحداث الاضطرابات لاستعداء الأنظمة الحاكمة على أهل السنة.

المرحلة الثالثة: مرحلة الانطلاق

وفي هذه المرحلة يتم توطيد علاقات العملاء الإيرانيين مع الأنظمة الحاكمة والمؤسسات الحكومية، دون إظهار أنشطة دينية، كما يتم زيادة النفوذ الإيراني في الأجهزة الأمنية والحكومية، وزيادة التغول الاقتصادي.

ومن أبرز خطوات تلك المرحلة وأهمها تشجيع هجرة رؤوس الأموال السنية إلى طهران، لكي يتسنى لإيران السيطرة على اقتصاديات تلك الدول.

المرحلة الرابعة: بداية قطف الثمار

وتعتمد على إحداث الوقيعة بين الحكام والشعوب بزعاماتها السنية، فعن طريق السيطرة الإيرانية على اقتصاديات الدولة، يحدث الخلل الاقتصادي بين النظام والشعب، وهو ما يؤدي لسخط شعبي، يستغله العملاء الإيرانيون في الوصول إلى مواقع أكثر حيوية، وشراء مزيد من الأراضي والمؤسسات والعقارات، في الوقت الذي يقومون فيه بمساندة النظام وحث الناس على الهدوء.

المرحلة الخامسة: مرحلة النضج

عند الوصول إلى هذه المرحلة يفترض –وفق الخطة- أن تكون الدولة قد فقدت عناصر قوتها وهي الأمن والاقتصاد والهدوء، فيستغل العملاء الإيرانيون القلاقل والاضطرابات وانعدام الثقة بين الحكام والشعوب، في طرح أنفسهم كمخلصين، عن طريق اقتراح مجلس شعبي لضبط الأمور وتهدئة الشارع ودعم السلطة في إحكام السيطرة، والدفع بالقيادات الصفوية في ذلك المجلس ليشكلوا أغلبيته.

على أن الخطة قد تضمنت إضرام الثورة الشعبية إذا لم يتسنى تحقيق أهدافها بدون إراقة الدماء، مستفيدة من الانجازات التراكمية عبر المراحل السابقة.

وختاما:

بعد هذا العرض الموجز لتفاصيل هذه الخطة، أدعو القارئ للنظر تأملا وبحثا في تلك القضايا:

 الدور الإيراني في إسقاط العراق بيد الأمريكان، إلى أن آلت الأوضاع لأن تكون العراق ولاية إيرانية……..

الدعم الإيراني اللامتناهي المادي والعسكري لنظام الأسد ضد الثورة منعا لسقوطه…..

مخالب إيران داخل لبنان وأعني بها حزب الله، والذي يلعب لتنفيذ أجندة إيرانية، وأصبح ذراع طهران في الداخل اللبناني…….

الدور الأسود الذي يمارسه شيعة البحرين لإسقاط الحكومة السنية، وبدعم من سادتهم في إيران لتسهيل ابتلاعها تلك الدولة الخليجية….

أزمة اليمن التي فجرها الإيرانيون عن طريق أذنابهم الحوثيين، حتى أصبح البلد بركانا يوشك أن ينفجر في المنطقة كلها….

العلاقة المشبوهة القذرة بين إيران والكيان الصهيوأمريكي، والتي أزكمت رائحتها الأنوف بعد افتضاحها…. بعد ذلك كله، سيدرك القارئ أن هذه الخطة ليست ضربا من الخيال، وحينها سيبدي أسفه على عجز أمتي وجَلَدِ المجوس.

عن Ehssan Alfakeeh

شاهد أيضاً

الدراما الرمضانية بين الإخوان والحشاشين

عودتنا الدراما العربية في رمضان، على إثارتها للجدل خاصة في ما يتعلق بشؤون الحركات والجماعات …

3 تعليقات

  1. عبدالله سيدأحمد

    لا شلت يداك و جوزيتي عنا ألف ألف خير

  2. عواطف ابوعقل

    ارى ان الخطة السرية للآيات وبروتوكولات حكماء صهيون تتشابهان لحد كبير وكأنهما خرجتا من مشكاة واحدة

  3. (أبو ماجد)
    بالفعل هناك تشابه كبير في الرؤى والأساليب بين الفرس والصهاينة ..لست أنسى عندما بدأوا بإرسال مقرئين وحفظة لكتاب الله تعالى .. صوت جميل ونفس طويل للقارىء ، وقدرة فائقة على تذكر تفاصيل صفحات القرآن من أطفال .. تأتي بعدها لازمة إعجاب يعلمون الجمهور ترديدها ( على طريقة الشيعة المعهودة ) : اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد” . كنت أتعمد استفزازهم وأضيف بصوت مرتفع :” وعلى أصحابه أجمعين وعلى أزواجه أمهات المؤمنين”. لأنهم يمقتون ساداتنا الصحابة رضوان الله عليهم وكذا أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *