أنباء عن تصفية عناصر من هيئة تحرير الشام في سجون “قسد” تُشعل موجة غضب ومطالب بالتصعيد

في تطوّر خطير يعكس تعقيدات المشهد السوري وتشابك الملفات الأمنية والسياسية، أفادت مصادر محلية موثوقة بأن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) أقدمت مؤخرًا على تصفية عدد من المعتقلين التابعين لهيئة تحرير الشام داخل أحد سجونها في مدينة حلب، قبل أن تُسلَّم جثامينهم إلى مستشفى حلب الجامعي.

ورغم تضارب الأرقام المتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، التي تراوحت بين ثلاث حالات مؤكدّة إلى عشرات بحسب بعض الناشطين، إلا أنّ الثابت حتى الآن هو تسليم ثلاث جثث على الأقل إلى ذويهم، وتم التعرف على هوية اثنين منهم:

أحمد جمال مرعنازي من مدينة إعزاز شمال حلب،

ومحمود عباس من مدينة مارع شمال حلب،

وهما ينتميان لهيئة تحرير الشام، ويشغلان مناصب حالية في وزارة الدفاع التابعة لحكومة الإنقاذ.

هذه الحادثة أثارت حالة من الغضب والاحتقان الشعبي، تجلت في موجات احتجاجات غاضبة شهدتها مدن مثل الباب في ريف حلب الشرقي، وإدلب وحمص، مطالبة بالكشف عن مصير المعتقلين لدى “قسد” ووقف استخدامهم كورقة ضغط في المفاوضات.

في هذا السياق، كانت الحكومة السورية قد قدمت قوائم بأسماء المعتقلين إلى “قسد” خلال مفاوضات جرت في حي الشيخ مقصود بحلب، مطالبة بالإفراج الفوري عنهم، لكن “قسد” بادلت قرابة 100 معتقل من عناصر هيئة تحرير الشام وفصائل أخرى، مقابل إطلاق سراح نحو 250 معتقلاً من سجون الحكومة والفصائل، بينهم مقاتلون ومقاتلات من حزب العمال الكردستاني (PKK).

في المقابل، لم توضح “قسد” مصير مئات المعتقلين الآخرين، ما يُثير الشبهات حول احتمال تصفية عدد منهم بعيدًا عن الإعلام، وهو ما وصفه ناشطون بأنه “جريمة صامتة” تُرتكب بعيدًا عن عدسات الكاميرا وضجيج التصريحات.

وإزاء صمت الحكومة السورية وعدم إعلان موقف واضح من عمليات التصفية والتبادل، تتزايد الدعوات بين النشطاء وذوي المعتقلين لعدم الركون إلى مفاوضات توصف بأنها “عبثية”، مطالبين بتشكيل مجموعات قتالية مستقلة لتحرير المعتقلين بالقوة إذا لزم الأمر. وقد رُفعت شعارات تحمل عبارات مثل:

“لن يكون أولادنا وقودًا في صفقات لا نعلم عنها شيئًا، ولن نغفر لمن باع دماءهم في السوق السياسي.”

في هذا الإطار، يُوجّه اتهام صريح إلى الحكومة السورية بأنها تُفرّط بدماء السوريين الذين قُتلوا في سجون “قسد”، وتُهمل ملفات المعتقلين داخل سوريا وخارجها، بما في ذلك معتقلي لبنان، في مقابل تركيزها على ترسيخ سلطتها وتعزيز نفوذ حلفائها.

وقد سبق لمنظمات حقوقية محلية ودولية أن وثّقت نماذج من الانتهاكات التي يتعرض لها المعتقلون في سجون “قسد”، من بينها ما أوردته منظمة هيومن رايتس ووتش (تقرير: HRW, 2022) حول “احتجاز تعسفي وتعذيب لمقاتلين ومعارضين سابقين”، في ظل غياب محاكمات عادلة أو رقابة قانونية مستقلة.

إنّ هذا التصعيد يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الاحتقان الأهلي والصراع الأهلي المتنقل، لا سيما إذا استمر استخدام المعتقلين كورقة تفاوضية، وهو ما يعيد للأذهان تحذير المفكر الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد حين قال:

“لا توجد جريمة أكبر من تحويل الإنسان إلى أداة في يد السياسة.”

ولعلّ التساؤل الجوهري الذي يفرض نفسه الآن:

هل بات دم المعتقل السوري رخيصا إلى هذا الحد، حتى يُباد بصمت دون أن يُحاسب أحد؟!

==

المراجع والتوثيق:

Human Rights Watch. “Syria: Arbitrary Detention by Kurdish Authorities.” 2022. https://www.hrw.org.

Syrian Network for Human Rights (SNHR). Reports on enforced disappearances and detainee exchanges, 2023.

تصريحات الأهالي والناشطين على منصات مثل “تلغرام” و”تويتر” حول أسماء المعتقلين المقتولين.

تقارير ميدانية لصحف عربية مستقلة مثل “العربي الجديد” و”سوريا تي في” و”المدن”.

عن Ehssan Alfakeeh

شاهد أيضاً

لهذا يرفض الاحتلال حل الدولتين؟

مثّل الانتهاك الإسرائيلي للسيادة القطرية باستهداف قيادات حماس بالدوحة، محطة فارقة في مسار القضية الفلسطينية، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *