أزمة لبنان والخليج.. تطورات متسارعة وبحث عن حلول قريبة

– الأزمة بدأت عقب تصريحات أدلى بها وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي (قبل تعيينه) بشأن الحرب اليمنية
– السعودية استدعت سفيرها من لبنان وطلبت من سفير بيروت مغادرة أراضيها وأوقفت الواردات اللبنانية إليها
– الكويت والإمارات والبحرين اتخذت موقفا مماثلا لموقف السعودية
– حكومة لبنان رفضت تصريحات قرداحي وقالت إنها لا تعبر عن موقف البلاد وشكلت خلية للتعامل مع الأزمة
– مسؤولون لبنانيون سابقون طالبوا قرداحي بالاستقالة حفاظا على العلاقة مع السعودية والأخير اعتبرها “غير واردة”

تفاقمت بشكل متسارع حدة الأزمة بين لبنان من جهة والسعودية ودول خليجية من جهة أخرى، إثر تصريحات لوزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي، في برنامج يبث عبر وسائل تواصل اجتماعي، بشأن الحرب اليمنية.

وكان قرداحي قد اعتبر في تصريحاته، أن “اليمنيين” في إشارة إلى جماعة الحوثي، “يدافعون عن أنفسهم في وجه اعتداء خارجي”، وأن “منازلهم وقراهم وجنازاتهم وأفراحهم تتعرض للقصف بالطائرات” التابعة للتحالف الذي تقوده السعودية.

ومنذ عام 2015، ينفذ تحالف عربي تقوده السعودية، عمليات عسكرية في اليمن، دعما للقوات الحكومية، في مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران والمسيطرين على محافظات بينها العاصمة صنعاء (شمال) منذ 2014.

وقال قرداحي، في تصريحات صحفية لاحقة، إنه أدلى بهذه التصريحات قبل اختياره ليكون وزيرا بالحكومة اللبنانية الجديدة، في سبتمبر/ أيلول الماضي، إلا أنه تم بثها منتصف الأسبوع الماضي.

لكن هذه التصريحات لم تكن سببا وحيدا للأزمة بالقدر الذي فتحت فيه المجال واسعا أمام موقف سعودي على خلفية تراكمات من المواقف اللبنانية غير المنسجمة مع الرياض من قضايا عدة، منها ما يتعلق بسوريا واليمن، إلى جانب عشرات محاولات تهريب المخدرات من لبنان إلى السعودية، وفق مراقبين.

ونقلت وكالة “رويترز” في 30 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عن وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان قوله، إن “الأزمة مع لبنان تعود أصولها إلى هيمنة حزب الله على الدولة اللبنانية”.

الموقف السعودي تجاه تصريحات قرداحي، لم يظهر إلا بعد مرور ثلاثة أيام من بث التصريحات، حيث كانت المملكة تنتظر موقفا جديدا من الوزير اللبناني الذي رفض “الاعتذار” أو التراجع عن تصريحاته.

واعتبرت الخارجية السعودية في بيان أصدرته بـ 29 أكتوبر الماضي، تصريحات قرداحي “تحيزا واضحا لميليشيا الحوثي الإرهابية المهددة لأمن واستقرار المنطقة”.

كما أعلنت استدعاء سفيرها لدى بيروت، وطلبت من السفير اللبناني مغادرة الرياض، وقررت ووقف كافة الواردات اللبنانية إلى المملكة، وفق البيان ذاته الذي نشرته وكالة الأنباء الرسمية “واس”.

ورفضت الحكومة اللبنانية، تصريحات وزيرها وقالت إنه “لا يعبر عن موقف الحكومة اللبنانية إطلاقا”، وأن موقفه الذي أعلنه قبل توليه حقيبته الوزارية لا يمثل رأي الحكومة التي تلتزم بإقامة علاقات “جيدة” مع السعودية.

ودعا رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي من وصفهم بالشركاء العرب إلى “تنحية الأزمة الدبلوماسية الناتجة عن تصريحات وزير الإعلام وراءهم”.

وقال ميقاتي، في بيان رسمي، إنه “يأسف” لقرار السعودية طرد السفير اللبناني وحظر الواردات، مشيرًا إلى أنه “سيواصل العمل على إصلاح العلاقة بين البلدين”.

ودعت مجموعة من رؤساء وزراء لبنان السابقين، في بيان مشترك، قرداحي للاستقالة “حفاظا على العلاقات الأخوية والمصالح العربية المشتركة التي تربط لبنان بالدول العربية، وتحديدا مع دول مجلس التعاون الخليجي”.

لكن وزير الإعلام اللبناني، قال في تصريحات لقناة “الجديد” اللبنانية، السبت، إن استقالته من الحكومة “غير واردة”.

وللتعامل مع هذه المستجدات، شكلت الحكومة اللبنانية “خلية أزمة” بإدارة وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب، بالتنسيق والتشاور مع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الوزراء.

ومهمة الخلية الأساسية هي “رأب الصدع لتجاوز الخلاف المؤسف المستجد مع السعودية”، حسب بيان لها صدر في 30 أكتوبر الماضي.

وقال وزير التربية والتعليم اللبناني، عباس الحلبي، وهو عضو في خلية الأزمة، بتصريحات صحفية السبت، إن “الحكومة لا يمكنها الاستقالة بسبب الأزمة الدبلوماسية المتزايدة مع السعودية وبعض دول الخليج”.

وأضاف الحلبي: “لا يمكن ترك البلاد بدون حكومة” نظرا لصعوبة الأوضاع في لبنان، مؤكدا أن الخلية ستواصل العمل لحل الخلاف.

​​​​​​​وعلى الصعيد العربي أعلنت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية عن ثقة أمينها العام أحمد أبو الغيط، بحكمة وقدرة الرئيسين عون وميقاتي على السعي السريع من أجل اتخاذ الخطوات الضرورية التي يمكن أن تضع حدا لتدهور العلاقات مع السعودية.

واتخذت البحرين والكويت والإمارات مواقف متطابقة مع الموقف السعودي، في حين أصدرت الخارجية القطرية بيانا، أعربت فيه عن “استغراب الدوحة الشديد واستنكارها للتصريحات غير المسؤولة التي صدرت عن وزير الإعلام اللبناني”.

كما أعربت سلطنة عُمان “عن أسفها⁩ العميق لتأزم العلاقات بين عدد من الدول العربية والجمهورية اللبنانية”، في معرض تعليقها على خلاف السعودية ولبنان.

ودعت الخارجية العمانية، في بيان، “الجميع إلى ضبط النفس والعمل على تجنب التصعيد ومعالجة الخلافات عبر الحوار والتفاهم، بما يحفظ للدول وشعوبها الشقيقة مصالحها العليا في الأمن والاستقرار والتعاون القائم على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية”.

وفي الوقت الذي تواجه فيه لبنان سلسلة من الأزمات المتراكمة، تلقي الأزمة الجديدة بظلالها الثقيلة على كامل المشهد السياسي اللبناني، فيما لا تبدو في الأفق القريب أي بوادر لحلها، ما يزيد من تعقيدات الأوضاع الداخلية وانعكاساتها على المواطن اللبناني.

ولعل ما يعزز هذا التوقع، تصريحات صحفية لوزير الخارجية السعودي قال فيها، مؤخرا، إنه بلاده “لم يعد يهمها إن بقيت حكومة لبنان أو رحلت”، في إشارة إلى ما تتداوله وسائل إعلام لبنانية عن توجهات باستقالة حكومة ميقاتي.

وتاريخيا، كانت تسود علاقات مميزة بين الرياض وبيروت، لكنها باتت تشهد توترات من آن إلى آخر، ففي مايو/أيار الماضي، طلب وزير الخارجية اللبناني آنذاك، شربل وهبة، إعفاءه من مهامه، إثر تصريحات اعتبرها البعض مسيئة للسعودية وبقية دول الخليج.

عن Ehssan Alfakeeh

شاهد أيضاً

خيارات العرب في مواجهة الفقر المائي

– تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن 17 من أصل 22 دولة عربية تعيش على …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *