(مرصد تفنيد الأكاذيب)
– يتناول التقرير خبرا شائعا هذه الأيام يتحدث عن انقطاع الاتصال بغواصتين تركيتين في البحر الأبيض المتوسط قبالة السواحل الليبية، بسبب التشويش على أجهزة الاتصال الخاصة بها.
– أول من نشر الخبر في 8 يونيو/حزيران، هو حساب غير موثق يعرف نفسه على أنه مقاول عسكري خاص، وأنه متخصص في المخابرات البحرية والإرهاب يدعى “Edward” من جزر “الباهاما”، دون ذكر أي مصدر لمعلومته.
– الخبر “الشائعة” لم يستند إلى مصادر رسمية أو أدلة ملموسة تثبت صحته، إنما اعتمد مروجوه على تغريدة واحدة لمغرد لا يحمل صفة رسمية أو اسما حقيقيا.
– لا يمكن أن تفقد تركيا غواصة أو غواصتين منذ قرابة ثلاثة أسابيع دون أن تعلن عن ذلك.
– من الناحية الفنية، فإن احتمالات التشويش على الغواصات وتعطيل منظومة السيطرة والقيادة تبدو ضعيفة جدا لوجودها على أعماق بعيدة تحت سطح الماء، إضافة إلى أن تركيا تمتلك قدرات تقنية متقدمة في صناعاتها العسكرية.
باتت مسألة اختلاق الأخبار وتلفيقها سمة غالبة في وسائل إعلام عربية – ممولة من دول على خلاف سياسي مع تركيا – بنشر معلومات مغلوطة وأخبار لا صحة لها ولا تستند إلى مصادر يُعتد بها، وترويجها لتكون مادة إعلامية واسعة الانتشار في مواقع التواصل الاجتماعي.
ومن بين تلك الأخبار، خبر شائع هذه الأيام يتحدث عن انقطاع الاتصال بغواصة تركية بسبب التشويش على أجهزة الاتصال الخاصة بها، والبعض زعم أن مصر هي من قامت بالتشويش فيما نسب آخرون التشويش إلى روسيا.
وأرسلت تركيا غواصة ثانية للبحث عن الأولى لكن الاتصال انقطع معها أيضا بسبب التشويش عليها لتصبح الغواصتان التركيتان تائهتين في أعماق مياه البحر الأبيض المتوسط بحسب ما زعموا.
وفي محاولة من بعض الحسابات لإيهام المتابع بمصداقية ما ينشر حول الغواصتين، نسبوا ما ينشرون من معلومات – يعلمون كذبها- لصحف ألمانية قالوا إنها كشفت عن فقدان الغواصتين بعد استعانة تركيا بألمانيا للعثور عليهما.
هذه خلاصة ما نشرته حسابات بالمئات على مواقع التواصل الاجتماعي منذ 8 يونيو/حزيران وحتى اليوم.
فريق “مرصد تفنيد الأكاذيب” تابع تلك المزاعم والهاشتاقات التي غرد بها معظم المتفاعلين مع الخبر الزائف، ولم يكن المرصد ليرد عليها لولا أن الفريق لاحظ أن صحفا ومواقع ومغردين مصريين هم الأكثر تفاعلا، بالإضافة إلى مغردين من السعودية بحسابات موثقة وآخرين من الإمارات وليبيا وغيرهما، إضافة إلى مواقع إخبارية وصحف وحسابات تسعى لإشاعة الخبر مستغلة الظروف الخاصة ببيئة الغواصات وصعوبة تكذيبهم.
ما الذي لاحظه فريق المرصد:
باستثناء تغريدات متزنة في صياغاتها اللغوية لا تزيد على أصابع اليد الواحدة، فإن جميع التغريدات الأخرى والردود عليها تناولت الخبر المزعوم بصيغة ساخرة تفتقر إلى الجدية، وأن غالبها كان بكلمات بذيئة جعلت الفريق يأنف من نقل روابط التغريدات للاستشهاد بها في التقرير.
أولا: حسب المتابعة، فإن أول من نشر الخبر هو حساب غير موثق يتابعه 23 ألف متابع، ويعرف نفسه على أنه مقاول عسكري خاص، وأنه متخصص في المخابرات البحرية والإرهاب يدعى “Edward” من جزر “الباهاما”، الذي نشر خبر فقدان الاتصال بغواصة تركية في 8 يوينو/حزيران في البحر الأبيض المتوسط قبالة السواحل الليبية، دون ذكر أي مصدر لمعلومته.
ثانيا: اعتمدت وسائل إعلام “مغرضة” وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي تغريدة “Edward” التي حظيت بأكثر من 900 تفاعل (ردود وإعادة تغريد وإعجاب) لإشاعة خبر يفتقر إلى أي مصداقية طالما اعتمدت هذه الوسائل والحسابات مصدرا هو بالأساس لا يمكن وصفه بالموثوق حيث لا يملك صفة رسمية، ولم يشر في خبره أو معلومته التي أصبحت خبرا إلى أي مصدر.
https://twitter.com/DonKlericuzio/status/1269761885034950657
ثالثا: إن المغردين الأكثر تداولا للخبر، هم حسابات سعودية، بعضها موثقة، وإماراتية ومصرية وليبية معروفة بموقفها “العدائي” المسبق لتركيا وقيادتها وشعبها، وداعمة لمحور الرياض القاهرة أبو ظبي، إن صحت تسميته بـ “المحور”.
رابعا: صحف مصرية، مثل “اليوم السابع” واسعة الانتشار، وهي مؤيدة للانقلاب، نشرت الخبر دون تحقق أو الاستناد إلى مصادر، كما يفترض في أي وسيلة إعلامية تحترم قراءها ومتابعيها، بل حاولت تأكيد الخبر بحديثها عن رفع مغردين هاشتاقا بلغ “الترند” في مصر لتعزيز “مزاعمها” بخبر لا أساس له من الصحة.
وللرد على الخبر:
إن الخبر، موضوع التقرير، لم يستند إلى مصادر رسمية أو يقدم أدلة ملموسة على صحته، إنما اعتمد على تغريدة واحدة لمغرد من جزر الباهاما “يدعي” أنه مقاول في شركة أمنية خاصة ومتخصص في المخابرات البحرية، لكنه لا يحمل اسما حقيقيا أو معروفا.
ومنطقيا، فإنه من الصعوبة بمكان أن تفقد تركيا غواصة أو غواصتين منذ قرابة ثلاثة أسابيع دون أن تعلن عن ذلك.
من الناحية الفنية، ووفقا لخبراء، فإن احتمالات التشويش على الغواصات وتعطيل منظومة السيطرة والقيادة تبدو ضعيفة جدا لوجودها على أعماق بعيدة تحت سطح الماء، إضافة إلى أن تركيا تمتلك قدرات تقنية متقدمة في صناعاتها العسكرية.